فصل: المرأة في عمق الزمن تحرير أم تغرير:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



د- وتقول طبيبة نفسية أمريكية: أيما امرأة قالت: أنا واثقة بنفسي، وخرجت دون رقيب أو حسيب فهي تقتل نفسها وعفتها.
هذا ما يقوله العقلاء من أولئك القوم؛ فماذا يقول العلم الحديث في ذلك الشأن؟
لقد أثبت العلم الحديث أخيرًا وَهْمَ محاولات المساواة بين الرجل والمرأة، وأن المرأة لا يمكن أن تقوم بالدور الذي يقوم به الرجل؛ فقد أثبت الطبيب (د.روجرز سبراي)- الحائز على جائزة نوبل في الطب- وجود اختلافات بين مخ الرجل ومخ المرأة، الأمر الذي لا يمكن معه إحداث مساواة في المشاعر وردود الأفعال، والقيام بنفس الأدوار.
وقد أجرى طبيب الأعصاب في جامعة (بيل) الأمريكية بحثًا طريفًا رصد خلاله حركة المخ في الرجال والنساء عند كتابة موضوع معين أو حل مشكلة معينة، فوجد أن الرجال بصفة عامة يستعملون الجانب الأيسر من المخ، أما المرأة فتستعمل الجانبين معًا.
وفي هذا دليل- كما يقول أستاذ جامعة بيل- أن نصْفَ مُخِّ الرجل يقوم بعمل لا يقدر عليه مُخُّ المرأة إلا بشطريه.
وهذا يؤكد أن قدرات الرجل أكبر من قدرات المرأة في التفكير، وحل المشكلات.
وهذا ما اكتشفه البروفيسور (ريتشارد لين) من القسم السيكولوجي في جامعة ألستر البريطانية حيث يقول: إن عددًا من الدراسات أظهرت أن وزن دماغ الرجل يفوق مثيله النسائي بحوالي أربع أوقيات.
وأضاف لين: أنه يجب الإقرار بالواقع، وهو أن دماغ الذكور أكبر حجمًا من دماغ الإناث، وأن هذا الحجم مرتبط بالذكاء.
وقال: إن أفضلية الذكاء عند الذكور تشرح أسباب حصول الرجال في بريطانيا على ضعفي ما تحصل عليه النساء من علامات الدرجة الأولى.
وسواء صح ما قالوه أم لم يصح فإن الله- سبحانه- أخبرنا في كتابه بالاختلاف بين الجنسين على وجه العموم فقال- عز وجل-: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى} [آل عمران: 36].
فكل ميسر لما خلق له، وكل يعمل على شاكلته.
ولا يفهم من خلال ما مضى أن ضعف المرأة ونقصها الخلْقي يعد من مساوئها؛ بل هو من أعظم محاسنها.
قال العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله: ألا ترى أن الضعف الخِلْقيَّ والعجز عن الإبانة في الخصام عيب ناقص في الرجال مع أنه يعد من جملة محاسن النساء التي تجذب إليها القلوب.
قال جرير:
إن العيون التي في طرفها حور ** قتلننا ثم لم يحين قتلانا

يَصْرَعْن ذا اللب حتى لاحراك به ** وهن أضعف خلق الله أركانا

وقال ابن الدمينة:
بنفسي وأهلي من إذا عرضوا له ** ببعض الأذى لم يدر كيف يجيب

فلم يعتذرْ عُذْرَ البريء ولم تزل ** به سكتة حتى يقال مريب

فالأول تشبيب بهن بضعف أركانهن، والثاني بعجزهن عن الإبانة في الخصام كما قال تعالى: {وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف: 18].
ولهذا التباين في الكمال والقوة بين النوعين صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: «اللعن على من تشبه منهما بالآخر».
وقال رحمه الله بعد أن ذكر بعض الأدلة على فضيلة الذكر على الأنثى: فإذا عرفت من هذه أن الأنوثة نقص خلقي، وضعف طبيعي؛ فاعلم أن العقل الصحيح الذي يدرك الحكم والأسرار يقضي بأن الناقص الضعيف بخلقته وطبيعته يلزم أن يكون تحت نظر الكامل في خلقته، القوي بطبيعته؛ ليجلب له ما لا يقدر على جلبه من النفع، ويدفع عنه ما لا يقدر على دفعه من الضر.

.المرأة في عمق الزمن تحرير أم تغرير:

يسري صابر /2004
مرت المرأة في تاريخها الطويل بمرحلتين:
المرحلة الأولى: مرحلة الظلم والظلام وبؤس المرأة العربية وسوء حالها، وذلك قبل الدعوة المحمدية وظهور الإسلام في الجزيرة العربية، المرأة في فترة الظلام قد سلبت جميع الحقوق دون استثناء، بل لم تعتبر المرأة امرأة كما هو معلوم عندنا الآن؛ فالمرأة كانت تعد حشرة من الحشرات، أو كانت تعد من عالم آخر كعالم الجن والشياطين، والذي كان يعتبرها امرأة من أهل الجاهلية كان يمنعها حقها ويفرض عليها أمورًا، ويعاملها معاملة غير إنسانية؛ فمثلًا: إذا حاضت المرأة كان الزوج لا يأكل ولا يشرب معها، بل ولا يسكن معها في البيت، وإنما يخرجها خارج البيت هذا ما كان عليه أهل الجاهلية. وأما حقوقها كأم أو أخت أو غير ذلك فلم يكن لها أي حق على الإطلاق.. قال تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [النحل:58] فكانت بشرى في منتهى التعاسة والنكد لو بشر أحد الجاهليين بأنه رزق بأنثى، يفكر ماذا يفعل بها {يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [النحل:59].
{أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ} يبقها على مضض {أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ} فكان أهل الجاهلية يدسون ويئدون بناتهم في التراب وهنّ أحياء، فكان يحفر الأب أو الأخ لابنته أو لأخته في التراب ثم يضعها فيه وهي حية يجري الدم في عروقها!
المرأة كانت عند أهل الجاهلية كمتاع يقتنى، وسلعة يستكثر منها ولا يهم بعد ذلك ما يصيب الأسرة من تفكك وانهيار، ولا ما يترتب على تعدد الزوجات من عداوة وبغضاء بين النساء وبين الأبناء حتى تعلن الأسر حربًا على نفسها وتصبح مصدر نزاع وعداوة بين أفرادها.
وكان الزوج لا يعنيه الأمر سواء عدل بين أزواجه أو جار، سوى بينهن في الحقوق أو مال؛ فكانت حقوق الزوجات مهضومة، ونفوسهن ثائرة، وقلوبهن متنافرة، وليت الأمر كان قاصرًا على تعدد الزوجات في أبشع الصور وأوخم العواقب؛ بل كان الرجل منهم إذا قابل آخر معه ظعينته (امرأته في هودجها) هجم عليه فتقاتلا بسيوفهما، فإن غلبه أخذ منه ظعينته واستحلها لنفسه ظلمًا وعدوانًا.
وحرمت المرأة في الجاهلية من الميراث؛ فهي لا ترث الرجل بعد وفاته؛ بل هي من تركته التي تركها، فإذا جاء أحد أقارب الزوج المتوفى وألقى بثوبه على المرأة صارت له، فبئست التقاليد وبئست العادات، فلا رحمة ولا مودة ولا تعاطف؛ بل جفاء طاغ.
المرحلة الثانية: هي مرحلة النور.. مرحلة التحرير.. مرحلة العزة والكرامة؛ وهي المرحلة التي أعطى الإسلام للمرأة كامل حقوقها وفرض عليها الواجبات التي تتناسب مع خلقتها وينصلح بها حالها، وبصلاح المرأة ينصلح المجتمع كله.
لقد جاءت الدعوة المحمدية فحررت المرأة من فوضى الجاهلية وأخرجتها من الظلمات إلى النور، وأعادت إليها حريتها كاملة غير منقوصة ونظمت أو حددت تعدد الزوجات بأربع فقط.
وقد اعترف المستشرق الفرنسي (أندريه سرفيه) بفضل هذا الرسول صلى الله عليه وسلم في كتابه الإسلام ونفسية المسلمين؛ فقال: لا يتحدث هذا النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة إلا في لطف وأدب، كان يجتهد دائمًا في تحسين حالها ورفع مستوى حياتها، بعد أن كانت تعد مالًا أو رقيقًا، وعندما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم قلب هذه الأوضاع؛ فحرر المرأة وأعطاها حق الإرث ثم ختم كلمته قائلًا: قد حرر محمد المرأة العربية، ومن أراد التحقيق بعناية هذا النبي بها؛ فليقرأ خطبته في مكة التي أوصى فيها بالنساء خيرًا، وليقرأ أحاديثه المتباينة.
ما أصدق هذا القول ووضوح تلك الرؤية التي بعد عنها كثير من أبناء المسلمين بعد أن صاروا ببغاوات وأبواق لأذنابهم من الغرب، وما أكثر دفاع النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة وحقوقها، ألم يقل في خطبته في حجة الوداع: «أَلَا وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا، فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ، لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ، إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ، فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي المَضَاجِعِ، وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا، أَلا إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا، وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا، فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ فَلا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ، وَلا يَأْذَنَّ فِي بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ، أَلا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ».
وعن عائشة- رضي الله عنها- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي».
وعن معاوية بن حيدة- رضي الله عنه- أن رَجُلا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: مَا حَقُّ الْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ؟ فقَالَ: «أَنْ يُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمَ، وَأَنْ يَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَى، وَلا يَضْرِبِ الْوَجْهَ، وَلَا يُقَبِّحْ، وَلا يَهْجُرْ إِلا فِي الْبَيْتِ». وأمر بالرفق العام بهن فقال صلى الله عليه وسلم: «ارفق بالقوارير».
وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: إني لأتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين لي. ولها رأيها في تزويجها، وليس لوليها أن يعدو إذنها، ويقصرها على من لا تريد إن كانت رشيدة؛ فعن خنساء بنت خذام الأنصارية- رضي الله عنها- أن أباها زوجها وهي ثيب فكرهت ذلك، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد نكاحه.
ومن أعجب المصادفات أن يجتمع (ماكون) في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أي في سنة 586م لبحث هل المرأة إنسان، وبعد بحث ومناقشة وجدل قرر: أنها إنسان ولكن خلقت لخدمة الرجل وحده. ولم يكد يصدر هذا القرار الجائر في أوروبا، حتى نقضه محمد صلى الله عليه وسلم في بلاد العرب إذ رفع صوته قائلًا: «إنما النساء شقائق الرجال».
بل إن جاهمة السلمي- رضي الله عنه- جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله أردت أن أغزو وقد جئت أستشيرك؛ فقال صلى الله عليه وسلم: «هل لك من أم؟» قال: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فالزمها فإن الجنة تحت رجليها». أليس هذا فضل وأي فضل، إن الجنة مبتغى كل رجل، وكل امرأة أم لكل رجل!، فالمرأة نصف المجتمع وتلد النصف الآخر فهي المجتمع بأسره، وبذلك علم العالم أجمع أن المرأة إنسان مهذب له من الحقوق ما يتناسب مع خلقتها وفطرتها في وقت كانت فيه أوروبا تنظر إلى المرأة نظرة سخرية واحتقار، وفي القرن السابع الميلادي عقد مؤتمر عام في روما ليبحث فيه المجتمعون شؤون المرأة فقرروا أنها كائن لا نفس له، وعلى هذا فليس من حقها أن ترث الحياة الآخرة، ووصفها المؤتمر بأنها رجس كبير. وحرم عليها ألا تأكل اللحم، وألا تضحك، وألا تتكلم، ونادى بعضهم بوضع أقفال على فمها، وفي هذا الوقت كانت المرأة العربية تأخذ طريقها نحو النور وتحتل مكانتها الرفيعة في المجتمع العربي وتقف بجانب الرجال في معترك القتال.
لقد قالت الربيع بنت معوذ- رضي الله عنها-: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فنسقي القوم ونخدمهم ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة.
ألا يحق بعد هذا كله للسيد (ريفيل) أن يقول: إننا لو رجعنا إلى زمن هذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم لما وجدنا عملًا أفاد النساء أكثر مما فعله هذا الرسول؛ فالنساء مدينات للنبي صلى الله عليه وسلم بأمور كثيرة رفعت مكانتهنّ بين الناس.
وقد كتبت جريدة المونيتور الفرنسية عن تصور احترام الإسلام ونبيه للمرأة فقالت: لقد أجرى الإسلام ونبيه تغيرًا شاملًا في حياة المرأة في المجتمع الإسلامي فمنحها حقوقًا واسعة تفوق في جوهرها الحقوق التي منحناها للمرأة الفرنسية.
أما الكونت (هنري دى كاسترى) فقد تناول عقد الزواج عند المسلمين فقال: إن عقد الزواج عند المسلمين يخول للمرأة حقوقًا أدبية وحقوق مادية من شأنها إعلاء منزلة المرأة في الهيئة الاجتماعية، وهذا أيضًا هو ما دفع العالم الألماني (دريسمان) أن يسجل قوله: لقد كانت دعوة محمد إلى تحرير المرأة السبب في نهوض العرب وقيام مدينتهم، وعندما عاد أتباعه وسلبوا المرأة حقوقها وحريتها كان ذلك من عوامل ضعفهم واضمحلال قوتهم. إن الفضل قد يخرج من الأعداء في لحظة صدق وإنصاف والفضل ما شهد به الأعداء.